رحيل الدبلوماسي الإماراتي المرموق الدكتور إبراهيم محمد الغيص المنصوري

توفي الدكتور إبراهيم محمد الغيص المنصوري، العالم المتميّز والدبلوماسي السابق لدولة الإمارات العربية المتحدة، في 14 فبراير 2024، الموافق 4 شعبان 1445 في دبي، وُلِدَ في 18 نوفمبر 1947، واشتهر الدكتور إبراهيم بإسهاماته الواسعة في مجالات القانون والدبلوماسية الدولية وقطاع الإعلام، شمل عمله دوراً هاماً في وزارة الخارجية الإماراتية وتأسيس وكالة أنباء الإمارات، مما جعله يساهم في عمل نقلة تحولية عززت الجهود العالمية والتواصل للدولة، ترك الدكتور إبراهيم بصمة لا تُنسى في النسيج الفكري والثقافي للبلاد من خلال جهوده الأكاديمية والمهنية.

رحيل الدبلوماسي الإماراتي المرموق الدكتور إبراهيم محمد الغيص المنصوري
الدكتور إبراهيم محمد الغيص المنصوري

تخرج الدكتور إبراهيم من كلية الحقوق بجامعة عين شمس في القاهرة في عام 1968، حيث حصل على درجتي الماجستير والدكتوراه، وبجانب تفوقه الأكاديمي تزوج بابنة من عائلة تاريخية مهمة، إذ تزوج من حفيدة يحيى باشا إبراهيم، رئيس وزراء مصر الأسبق وصاحب دستور مصر عام 1923، وأنجب أربعة أبناء.

كانت مسيرة الدكتور إبراهيم مليئة بالمناصب الرفيعة في حكومة الإمارات، بما في ذلك وزيراً مفوضاً في وزارة الخارجية، كان له دوراً بارزاً في تنظيم الندوات الدبلوماسية التي جمعت الشخصيات السياسية والثقافية الهامة، مما ساهم في تعزيز الحوار والتفاهم بين النخب الفكرية والسياسية العربية، شهدت فترة عمله التفاعل مع عدد من القادة والرؤساء والملوك والشخصيات الدولية، مما يعكس تأثيره الكبير على الساحتين الإقليمية والعالمية.

لعب الدكتور إبراهيم الغيص المنصوري دوراً رائداً في تأسيس وكالة أنباء الإمارات (وام) في عام 1976، حيث شغل منصب مدير وكالة أنباء الإمارات، مما أعطى دفعاً جديدًا للتواصل وتطوير وسائل الإعلام في الدولة، كان إنشاء وكالة أنباء الإمارات خطوة مهمة، حيث رسخت فترة تحولية في نشر المعلومات داخلياً ودولياً، أثرت هذه المبادرة بقيادته ليس فقط على المشهد الإعلامي في البلاد، ولكنها أيضاً عززت من أهمية وجود منصة إخبارية قوية وموثوقة، الأمر الذي يعتبر أساسياً لتبادل المعلومات ونشرها عالمياً.

رحيل الدبلوماسي الإماراتي المرموق الدكتور إبراهيم محمد الغيص المنصوري
كلية الحقوق جامعة عين شمس القاهرة

أضاف الدكتور المنصوري بصمته في وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، حيث شغل منصب رئيس تحرير مجلة منار الإسلام، توسعت قيادته لتشمل دوره بعد ذلك كمدير للديوان الأميري في إمارة رأس الخيمة، ثم شارك خبرته ومعرفته كأستاذ جامعي في جامعة الإمارات العربية المتحدة.

في سنواته الأخيرة، كرّس الدكتور المنصوري نفسه للقراءة والكتابة والبحث، مساهماً بتفكيره وتأملاته من خلال مقاله “أقول لكم” في جريدة الاتحاد في أبوظبي، وقضى سنوات التقاعد في دبي، حيث استمر في مزاولة الأنشطة الفكرية والأبحاث والقراءة والكتابة حتى وفاته.

بقدر خسارة الدولة في رحيل الدكتور إبراهيم، إلا أنه قد رحل ليترك وراءه إرثاً من الدبلوماسية والتعليم البحثي والأكاديمي والإثراء الثقافي يظل خالداً وسيذكر للأجيال القادمة، تفانيه طوال حياته أثّر بشكل عميق في المجالين الفكري والدبلوماسي في الإمارات، مما يجعل إسهاماته لا تُقدَّر بثمن في تاريخ وتطوير البلاد خاصة في فترة السبعينات والثمانينات.

رحيل الدبلوماسي الإماراتي المرموق الدكتور إبراهيم محمد الغيص المنصوري
يحيي باشا إبراهيم رئيس وزراء مصر الأسبق

ويستمر إرث الدكتور إبراهيم وإكمال مسيرته بقوة من خلال ابنته هبة الله المنصوري، التي تحاول أن تكمل المسيرة، من خلال قيادتها وجهودها الابتكارية في مجال الإعلام والتواصل ولم تقتصر على تكريم إرث الوالد فحسب، بل وفتحت مسارات جديدة في هذه القطاعات، بصفتها مؤسسة ورئيسة تنفيذية لـ “بزنس كوميونيكيشنز“، نجحت هبة الله في تحقيق إنجاز كبير عبر إنشاء أول وكالة تسويق واستشارات إعلامية عربية مملوكة في الشرق الأوسط، مما يُظهر عزمها الريادي والتزامها بالتميز.

يأتي دور هبة الله كشريك مؤسس في MEAPMP ليبرز بشكل أكبر وجودها المؤثر ونهجها الابتكاري في صناعة المحتوى الإعلاني الرقمي. تتميز MEAPMP كمنصة حيوية في مجال التكنولوجيا الإعلانية، حيث تضم شبكة واسعة من الشراكات الإعلامية عبر الشرق الأوسط وأفريقيا والهند، تشمل مئات المواقع على الإنترنت بلغات متعددة بما في ذلك العربية والإنجليزية والفرنسية، تؤكد هذه الشبكة على تغطية شاملة للمنصة وعلى التزام هبة الله بتحويل الإعلان الرقمي من خلال توفير مخزون إعلاني واسع النطاق، وتفضيل الشفافية، وتوفير حلول قياس آلية.

بالإضافة إلى ذلك، فإن إنشاءها لشركة ConSynSer قد أعاد تعريف خدمات توزيع المحتوى عبر المنطقة، ووضع معايير جديدة للكفاءة وجودة الخدمة لنشر الأخبار بشكل متطور من خلال هذه المشاريع، لم تقم هبة الله المنصوري فقط بمواصلة مسيرة الوالد، بل صاغت إرثها الخاص أيضاً، مما يظهر تأثيرًا عميقًا على المشهد الرقمي، تجسد أعمالها التفاني المشترك في الابتكار والقيادة والتأثير التحولي، مما يربط الأجيال ويلهم الرواد المستقبليين في عالم الإنترنت.

ترك كذلك الدكتور إبراهيم ابنيه وابنته وستة أحفاد، الذين وبالإضافة إلى العديد من الأصدقاء والأقارب والطلاب السابقين، ينعون فقدانه، فقد استضافت العائلة اجتماعاً تأبينيًا واستقبالًا للعزاء على مدار ثلاثة أيام في الخوانيج وند الشبا في دبي، حيث اجتمع الشخصيات البارزة والمشيعون، تجمع الأهل والأقارب وأبناء العموم من قبيلة المناصير لتوديع الرجل ذي الفكر العظيم، والذي خدم بلده بتميّز كوزير مفوض للخارجية، وترك إرثاً دائماً في المجالين الأكاديمي والدبلوماسي.

رحيل الدبلوماسي الإماراتي المرموق الدكتور إبراهيم محمد الغيص المنصوري
جانب من عزاء الرجال للدكتور إبراهيم محمد الغيص المنصوري

يعد رحيل الدكتور إبراهيم محمد الغيص المنصوري خسارة كبيرة لدولة الإمارات ولكل من كان له الشرف بمعرفته، إن إسهاماته الفريدة وغير المسبوقة في مجالات الأكاديمية والدبلوماسية ووسائل الإعلام قد خلّفت بصمة لا تُنسى على الوطن، مجسدة إرثاً من العزم الفكري والدبلوماسية الراقية والقيادة المتميزة والرؤية الثاقبة، كأكاديمي متميز ودبلوماسي مرموق ورائد في المشهد الإعلامي، عمل الدكتور إبراهيم على إثراء النسيج الثقافي والفكري لدولة الإمارات وساهم في تعزيز مكانتها كمصدر للمعرفة والتقدم على المستوى العالمي، إن إرثه المستمر سيضمن أن يُحتفى ويُقدَّر بذكراه وإنجازاته لسنوات قادمة.